معلامة أبي مُريِّم

نشر بتاريخ: اثنين, 16/05/2016 - 12:00ص
الكاتب: 

سر الديمومة والعطاء لهذه المعلامة المربعة الشكل سر عجيب وهو عظم العطاء رغم صغر المساحة التي لا تتجاوز الـ 25 متر مربع؛ والديمومة في ظل وجود العديد من الصروح العلمية الكبيرة، لعل هذا السر هو (البركة) التي أحاطت بهذه المعلامة الصغيرة فغدت كبيرة بنفعها ومخرجاتها، ولعل مصدر هذه البركة أمرين النية الصالحة التي صاحبت التأسيس أولاً، وتحري الدرهم الحلال والبعد عن الشبهات في مصدر البناء ثانياً..

تعد هذه المعلامة أقدم مدرسة متخصصة في حفظ القرآن الكريم وتجويده في حضرموت ولعلها في اليمن بأسره، ولا زالت هذه المعلامة تمارس نشاطها التعليمي إلى اليوم.

وهي مشهورة بالفتوح العظيم وبسهولة الحفظ لمن درس فيها وأإن كان بليداً كما شوهد ذلك.

تأسست المعلامة في القرن الثامن الهجري على يد الإمام المحقق محمد بن عمر بن محمد بن أحمد الشهيد بن الفقيه المقدم محمد بن علي باعلوي المكنى بأبي مُريِّم (ت 822هـ) الذي تصدى لتعليم الصبيان وتحفيظ القرآن طيلة حياته في سبيل الله، وكان التلميذ يكتب يومياً خمس آيات ويحفظها فقط وبعد تمام حفظ القرآن الكريم يأمر التلميذ بحفظ ربع العبادات من التنبيه فيتخرج الطالب فقهياً حافظاً لكتاب الله،

 أما اليوم فهي تقرر على الطالب قراءة المقدمة الحضرمية والمختصر الصغير في الفقه الشافعي إلى جانب حفظ القرآن الكريم وتجويده.

وتقع هذه المعلامة في مدينة تريم التاريخية غربي مسجد الإمام عبدالرحمن السقاف اشتهرت حالياً باسم (قبة أبي مُريِّم) بعد أن عمرها وجددها العلامة عبدالرحمن بن محمد المشهور سنة 1299هـ وبنى عليها القبة بدلاً من السقف المسطح..

 توالى التدريس بها أفاضل المدرسين منذ تأسيسها إلى أن أغلقت إبان الحكم الشمولي سنة 1392هـ ثم فتحت من جديد على يد السيد محمد بن علوي العيدروس (ت 1433هـ) والذي قام بترميم القبة سنة 1419هـ من الداخل والخارج وبقيت جدرانها الأصلية التي تعود للقرن الثامن كما هي، وازدهرت في ظل إدارته لها وازدحم عليها الطلاب ففتحت لها فروع عدة في مساجد تريم وضواحيها بلغت 15 فرعاً، وتخرج من هذه المعلامة الألوف المؤلفة من الحفاظ لكتاب الله الكريم؛ فقد تخرج على يد مؤسسها فقط ثمانمائة حافظ..

وتفتح حالياً أبوابها للطلاب بعد صلاة العصر إلى ما قبيل المغرب ثم يتوجه الطلاب إلى مسجد الإمام السقاف المجاور لها لصلاة المغرب وحضور الحزب للقرآن فيما بين المغرب والعشاء ومن عادة الحزب في مسجد السقاف قديماً وحديثاً أنه لا يقرأ في الحزب إلا من كان حافظاً للقرآن الكريم وبين هذه المعلامة ومسجد السقاف صلة قوية ورابط متين في إدارة شؤون طلبة المعلامة وربطهم بالحزب وإقامة بعض حلقات التعليم لهم بالمسجد المذكور حتى تتم الرعاية والمتابعة لهم من هاتين الجهتين المتجاورتين..

 وستظل بإذن الله هذه المعلامة شامخة بتاريخها العريق وبمخرجاتها العظيمة تؤدي رسالتها في هدوء وتواضع؛ وليستلهم منها أرباب الصروح العلمية درس (البركة في العطاء) فلا يظل سعيهم حثيثاً على استجلاب التمويل لنشاطاتهم بشتى الوسائل بقدر الحرص على الابتعاد عن مصادر الأموال المشبوهة لتحري هذا السر العظيم. المصادر والمراجع: الخبايا في الزوايا، عمر بن علوي الكاف الغرر، محمد بن علي خرد تريم بين الماضي والحاضر، أحمد بن عبدالله بن شهاب الدليل القويم في ذكر شي من عادات تريم، حامد بن محمد بن شهاب

 المعلامة؛ مجلة يصدرها طلاب معلامة أبي مريم لتحفيظ القرآن العدد (4) 1428هـ