أولاً : يجب على المؤمن أن يثق بوعد الله سبحانه وتعالى بإجابة الدعاء وكل ما وعد الله من نصرة المؤمنين ، والانتقام من المجرمين ، والهلاك للظالمين ، كما يجب عليه أن ينزه الله ويسبحه عن كل تصور خاطئ أو معرفة ناقصة عن الله سبحانه وتعالى
ثانياً : المؤمن لا يقنط ولاييأس من رحمة الله وكرمه قال سبحانه ((وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)) ((إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)) فالمؤمن يضع نصب عينيه قول الحق جل في علاه ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) وقوله سبحانه ((فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )) وقول المصطفى فيما يرويه من الحديث القدسي عن الله سبحانه عندما يدعوه المظلوم (( وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ))
وبناءاً على ذلك فالمؤمن مطمئن لا يستعجل وإن كان طبيعة الإنسان كما قال سبحانه ((وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا )) وكما قال سبحانه ((خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ )) ولقد دعا نبي الله موسى (ع) ربه سبحانه كما ذكر سبحانه في دعاءه على فرعون ((رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)، قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) قال بعض المفسرين إن الإجابة جاءت بعد أربعين سنة ، والمقصود والخلاصة هو أن الإنسان يدعو الله وهو موقن بالإجابة ويترك تحديد الموعد إلى أحكم الحاكمين فقد قال سبحانه ((وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا )) وخصوصاً في موضوع الصراع بين الحق والباطل الذي يطلب فيه النصر يصل الأمر فيه إلى الحال الذي ذكره الله سبحانه وتعالى ((وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)) وكما قال سبحانه (( حتى إذا استيأس حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا))
ـ فالمؤمن واثق بنصر الله وإجابته ووعده وتأييدده وفرجه وأن العاقبة للمتقين وأن الله يسمع كلامه ويرى مكانه ولا يخفى عليه شيء من أمره بل يعتقد كما ورد في الحديث الشريف أنه إذا دعا الله فإما أان يعجل الله له إجابتها أو يدفع عنه من السوء مثلها أو يدخر لخ ماهو أفضل من تعجيلها ، والإنسان المؤمن يبادر بالإستغفار والتوبة لعلّ هنالك ذنباً يمنع من إجابة الدعاء فقد ورد في دعاء الإمام علي عليه السلام (( واغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء .. كمايبادر إلى العمل فمثلاً النصر لا يتحقق بمجرد الدعاء بل لابد مع الدعاء من العمل والجهاد والتحرك لأن الله سبحانه قال ((فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي )) والاستجابة هنا في مقام العمل والتجرك وإلا فالدعاء لا ينفع لأن الله سبحانه قال ((إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ))وقال ((وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)) ولم يقل إن تدعوني أنصركم فلابد من التحرك للجهاد مع الدعاء كما قال سبحانه ((وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) وقد قال بنوا إسرائيل شاكين طول البلاء لموسى عليه السلام ((قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ))..