الجواب وبالله التوفيق :
الاستنساخ من حيث هو ومن واقع تصوره غريب على الفكر الإسلامي ، وهو بعيد كل البعد عن نصوص صريحة ، وقد أجاب أولو المعرفة والدراية لهذا الموضوع بما أجابوا ، ولعل أقربهم إلى درب الحق هو من أفتى في حله في غير الإنسان ، إلا أنه يحوك في النفس استنساخ الحيوان لغموض دليل حلّه .. ولئن كان الإسلام قد حرم تشخيص الحيوان وتصويره وعَلل بقوله ( الذينَ يُضَاهِئونَ خَلقَ اللهِ ) ، وجعلهم من أشد الناس عذاباً ، فاستنساخه أدنى إلى مورد الحرمة ، وألصق به للعلة المنادية بتحريمه وحضره ، وجعل العاملين به أشد الناس عذاباً ، وقد تمدّح سبحانه وتعالى بصفة الإيجاد والخلق كصفة استحق بها اختصاصه بالعبادة لاختصاصه بالإيجاد.
فقال : ﴿ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُون ﴾ ..
هذا ، وإن هنا فرقاً بين خلق الله الموجد للشيء من العدم وإيجاد العبد لشيء من أشياء ؛ فخلقه سبحانه وتعالى إيجاد شيء من العدم وعمل العبد تصيير شيء شيئاً .
ولهذا قال : (﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُون﴾ ، وقوله سبحانه : (فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين﴾ .
لا تنادي بِحِلِّ ذلك مع وجود النص الصريح اللاعن لهم والموجب لهم أشد العذاب ، ولا هي صريحة في تعدد الخالقين ، وإنما وردت هذه لتناسب رؤوس الآي كما في قوله تعالى : ﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا ) ﴿وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم﴾ ، وعلى الجملة فاستنساخ الحيوان حرام لما علله في الحديث ( يُضَاهِئونَ خلقَ اللهِ ) ولعله أشد خلطاً للأنساب وقد كان علة من علل تحريم الزنا .